نقص الإيمان والتربية وراء ظاهرة التشبه

نقص الإيمان والتربية وراء ظاهرة التشبه




التشبه من القضايا التي أصبحت مألوفة في الشارع العربي الآن، لكن الأخطر من ذلك أنها لم تعد مجرد ظاهرة بل أصبحت ممارسة طبيعية على مرأى ومسمع من الآباء والأمهات، وهم ينظرون إلى أبنائهم وهم يلبسون بهذه الطريقة بإعجاب دون أن يتحملوا رسالتهم نحو أبنائهم والمجتمع، أو يعلموا الأبناء أصول دينهم.


ويؤكد العلماء على أن ما يشجع المرأة على الرغبة في التشبه بالرجال يعود إلى عدم الالتزام بالحجاب الشرعي وهو غطاء الوجه الساتر والعباءة الفضفاضة، وكذلك خروجها من البيت ومزاحمة الرجال ومخالطتهم في الأماكن العامة. وقال العلماء أيضا إن للتشبه أسباباً أخرى منها نقص الإيمان، وقلة الخوف من الله، والتربية السيئة، ووسائل الإعلام التي تنشر الأفكار المنحرفة، والتقليد الأعمى بأن يتصرف الرجل أو المرأة في الملبس دون وعي أو إدراك، والقدوة السيئة، انعدام الغيرة من الزوج أو ولي الأمر فكلاهما لا يمنعان مخالفة أمر الله.


يقول الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية إن الله لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء، وفي رواية «لعن الله المترجلة من النساء» وفي رواية أخرى لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء يعني اللاتي يتشبهن بالرجال في لبسهن وحديثهن، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل».


فإذا لبست المرأة زي الرجال فقد شابهت الرجال في لبسهم فتلحقها لعنة الله ورسوله ولزوجها إذا أمكنها من ذلك أي رضا به، ولم يمنعها عن المعصية لقول الله تعالى: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» فالرجل راعٍ في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة، وجاء عن النبي أنه قال «أهلك الرجال حيث أطاعوا النساء».


ويشدد الشيخ على ضرورة أن يلزم كل رب أسرة.. أولاده وبناته بالزى المحتشم الذي أمرنا به الإسلام، والعمل بما علمنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال «ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة العاق لوالديه، المرأة المترجلة، والديوث»، وفي رواية أخرى «لا يدخل الجنة».
والديوث هو الذي يري عوره اهل بيته ولا يسترها


بدورها تشير الدكتورة الهام شاهين أستاذ الفلسفة والعقيدة بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر إلى أن الله تعالى خلق الرجال والنساء وفرق بينهم في التكوين الخلقي.. لافتا إلى أن هذا الفرق له غايات وله حكم لأن كلا منهما معني بدوره في النسل، فالمرأة تحمل وترضع وتحيض بينما الرجل يتحمل الأعباء والأخطار.


ولكن في الواقع الذي نعيشه تجد الأمور مختلفة تماما، ولا فرق بين رجل وامرأة سواء في الملبس أم الكلام أم التعامل مع الآخرين؛ ثم إن تشبه الرجال بالنساء وإذا تمادى فيه الإنسان يتحول الرجل أي يقترب من طبيعة المرأة، وهو المخنث حيث «لعن الله المخنثين من الرجال».


كما جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة ولعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل» إذن ألفاظ «لبسة واللباس» تعني الهيئة والثوب وتعني أن الثياب المختصة بالرجال يحرم على المرأة أن تلبسها والملابس المختصة بالنساء يحرم على الرجال أن يلبسها، وبالتالي يحرم على الرجال التشبه بالنساء في اللباس، وكذلك الكلام بالنسبة للمرأة.


الدكتورة سعاد صالح عميد كلية البنات سابقًا تقول إنه من الفطرة التي فطر الله عز وجل الناس عليها أن يحافظ الرجل على رجولته التي خلقه الله عليها، وأن تحافظ المرأة على أنوثتها التي خلقها الله تعالى عليها، مؤكدة أن تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال هو مخالفة واضحة للفطرة الإنسانية، وفتح لأبواب الفساد وإشاعة الانحلال في المجتمع.


أشارت صالح إلى أن حكم هذا العمل شرعا هو التحريم لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء» والمترجلات مترجلة وهى المرأة المتشبهة بالرجال في حركاتها ولباسها، ويلعن من يقوم بعمل ذلك فهذا اعتراض على الصفة التي خلقه الله تعالى عليها ويحاول الخروج عنها، وهذا اعتراض على حكم الله تعالى وحكمته وقضائه، وكذلك لا يجوز أن تلبس المرأة ما اختص الرجل لبسه من ثوب أو قميص أو عمامة أو نعل ونحوها؛ بل يجب أن تخالفه في الهيئة والتفصيل واللون.


بدورها ترجع الدكتورة ليلي عبد الوهاب أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة المنوفية وجود ظاهرة احتلال المرأة للبس الرجل مثل لبس البنطال وغيرها من الملابس التي تختص بالرجال إلى التأثر بالفكر الغربي حتى أصبحنا لا نستطيع التفرقة بين الرجل والمرأة الآن.


عبد الوهاب أرجعت جزءا من المشكلة إلى أجهزة الإعلام؛ خاصة الفضائيات التي تطرح هذه الملابس عبر ما يسمى بخطوط الموضة، فعندما تجلس أمام التلفاز لا تستطيع أن تفرق بين لبس الرجل والمرأة، وقبل أن تكتمل بقية مشاهد البرنامج يكون الأبناء قد عقدوا العزم بمباركة أولياء الأمور للشراء لمواكبة العصر والموضة، والأخطر أن الطرفين الشاب والفتاة يشجعان بعضهما على اقتناء هذه الملابس حيث يبدي كل طرف إعجابه بلبس الآخر. الدكتور صفوت حسان أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة يصف تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال بأنها ظاهرة قديمة وجدت منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، بدليل أن النبي نهى عن هذه الظاهرة..


غير أنه يلفت أن هناك عوامل سيكولوجية متعددة تجعل كل طرف من هذه الأطراف يميل إلى التشبه بالطرف الآخر سواء ما يتعلق في ذلك بطريقة اللبس أم الكلام فنجد كثيرا من البنات يرتدين ملابس لا تناسب البنت وفي الأساس هي ملابس شباب، والتفسير الوحيد لهذا الأمر هو وجود خلل فسيولوجي في تركيبة من يقوم بمثل هذه الأمور، وهنا لابد أن يكون للوالدين دورٌ فعالٌ في تقويم سلوك أبنائهم في التشبه من الصغر بحيث يعرف كل طرف أن كل جنس له أسلوبه وحياته الخاصة، وإذا ظهر أي خلل أو أمر طبيعي فلا حرج في أن يتم عرض مثل هذه الأمور على الأطباء النفسيين حتى يتم علاج أي حالة في مرحلة مبكرة.


من ناحية أخري يرى الدكتور سيد عثمان أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن ثقافة تشبه البنات بالشباب وتشبه الشباب بالبنات ثقافة مرتبطة بفكرة العولمة التي جعلت العالم عبارة عن قرية صغيرة فكل البشر في جميع أنحاء العالم متقاربون، ويمكن تخفيف الاتصال بينهم بعدة رسائل سواء كانت الفضائيات أم الإنترنت أم شبكات الاتصال المختلفة، وفي إطار هذه الثقافة أصبح الشاب أو الفتاة محتكا بثقافات غربية لا فرق بينها بين الولد والبنت في طريقة الملبس أو الكلام أو حتى أسلوب الحياة، الأمر الذي يجعل العديد من الشباب في البلاد العربية يقومون بتقليد الشباب الغربي.