بالنسبة لأتباعه كان فيلوبيلاي برابهاكاران مقاتلا عنيدا في سبيل الحرية، يكافح من أجل تحرير التاميل.
أما في نظر أعدائه، فقد كان رجلا غامضا مهووسا بالعظمة لا تعني له حياة الإنسان شيئا.
تحت قيادته أصبح نمور التاميل قوة من أشد القوى المسلحة غير النظامية في العالم انضباطا وإيمانا بعقيدتها.
غير أنه في الأشهر القليلة الماضية خاض هؤلاء معركة يائسة، مع إلحاق جيش البلاد بهم هزيمة تلو الأخرى، منهيا حلمهم بالحصول على وطن مستقل شمالي وشرقي البلاد.
كان فيلوبيلاي الأصغر بين أربعة أبناء، ولد في السادس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام1954، في بلدة فيلفيتيثوراي على ساحل جزيرة جفنة.
عرفه الناس في صغره خجولا شغوفا بالمطالعة، انخرط في في حركات الاحتجاج التي كان التاميل ينظمونها، غضبا منه على ما كان يراه تمييزا تمارسه الأغلبية السنهالية في البلاد ضد التاميل.
قال برابهاكاران أنه تأثر جدا بحياة الزعيمين الهنديين "صبهاشاندرا بوسيه" و"باجات سينج" اللذين حاربا لتحقيق استقلال بلادهم عن بريطانيا.
وفي واحدة من المقابلات النادرة التي أجراها قال قائد نمور التاميل إنه كان شديد الإعجاب بحياة الإسكندر المقدوني ونابليون، وإنه قرأ كتبا كثيرة عن هذين القائدين.
ويعتقد أن برابهاكاران أسس جبهة نمور التاميل الجديدة عام 1973 أو 1974 رغم أنه لا يمكن تحديد التاريخ الفعلي بدقة.
وكانت جبهته مجرد إضافة إلى عدد من المنظمات وجماعات الضغط التي كانت تحتج على ما كانت تراه تهميشا لشعب التاميل في سريلانكا بعد استقلال البلاد عن الاستعمار.
اتهم في عام 1975 بقتل رئيس بلدة جفنة الذي توفي بعد إطلاق الرصاص عليه من مسافة قريبة، فيما كان يهم بدخول معبد للتاميل.
وكان هذا القتل ردا على حادث جرى في جفنة العام الذي سبقه، حين قتل سبعة أشخاص في هجوم للشرطة على أحد التجمعات الجماهيرية.
وبعد عام أعيد تسمية جماعة برابهاكاران باسم "نمور تحرير تاميل إيلام" أو باختصار "نمور التاميل".
وأصبح هؤلاء قوة منيعة زاد عدد أفرادها عن 10 آلاف بمن فيهم نساء وأطفال.
تسلحت الجبهة بأحدث الأسلحة، بتمويل من التاميل المقيمين في الخارج، وبمؤيدين لهم في الهند وفقا لبعض التقارير.
وبعديد أفراده الذي كان الجيش دائما يفوقه بكثير قاد برابهاكاران رجاله في سلسلة من العمليات ضد أهداف عديدة.
وشجع باربهاكاران انتشار عقيدة الاستشهاد بين أتباعه، والتي أدت إلى أول موجة من التفجيرات الانتحارية، والتي أصبحت فيما بعد وسيلة معتادة للهجوم، كثيرا ما كانت ضد اهداف مدنية.
تفجير البنك المركزي يقال إن بربهاكاران كان يحمل حول رقبته كبسولة بداخلها مادة السيانيد كي يبتلعها في حال ألقي القبض عليه، وهو ما قلده فيه بعد ذلك كثيرون من مقاتليه.
اتهم في عام 1991 بالضلوع في اغتيال رئيس الوزراء الهندي الأسبق راجيف غاندي الذي قتل في تفجير انتحاري بالقرب من مدينة مدراس.
ويعتقد أن برابهاكاران هو الذي أصدر الأمر بنفسه ردا على إرسال غاندي قوة حفظ سلام هندية إلى سريلانكا في منتصف الثمانينات.
حكمت محكمة هندية عليه بالإعدام، وأصدر البوليس الدولي "الإنتربول" مذكرة جلب بحقه بتهم الإرهاب والقتل والجريمة المنظمة.
وتحت قيادته صنفت دول عديدة جبهة نمور تاميل إيلام كمنظمة إرهابية.
وكان قائد الجبهة يعيش في الظل ملاحقا دائما بخطر الاعتقال أو الاغتيال.
وفي مؤتمر صحفي نادر رفض برابهاكاران عام 2002 الإجابة على أي سؤال حول اغتيال غاندي واصفا إياه بالحادث المأساوي.
وبدلا من ذلك كرر مطالبته بحق تقرير المصير للتاميل وقال إنه مستعد للموت في النضال لتحقيق ذلك.
شخص سري
في عام 1996 قتل أكثر من 90 شخصا وجرح نحو 1400 حين اقتحمت شاحنة محملة بالمتفجرات بوابة البنك المركزي في العاصمة كولومبو وفجرت حمولتها داخله.
وكان معظم ضحايا الانفجار من المدنيين وبينهم عدد من الأجانب في الحادث الذي اعتبر حينها أشد عمليات نمور التاميل دموية.
وفي عام 2002 أصدرت محكمة سريلانكية أمرا بالقبض على برابهاكاران "لعلاقته بالهجوم" وحكمت عليه غيابيا بالسجن 200 عام.
وحين انهارت آخر جولة من محادثات السلام في عام 2006 شن الجيش السريلانكي هجوما ضخما على معاقل نمور تحرير التاميل إيلام، مستوليا فيه على مساحات واسعة مما كان يعرف سابقا بأرض النمور.
وفي أوائل هذا العام أصيب برابهاكاران بنكسة كبرى، حين استولت الحكومة السريلانكية على مدينة كيلونوتشتشي العاصمة الإدارية للنمور، ودارت شائعات بأنه قد فر من البلاد.
وظل فيلوبيلاي برابهاكاران شخصا محاطا بالسرية والغموض طوال حياته وكانت تحركاته ما بين مخابئه العديدة في الغابات مرسومة بعناية تفاديا للاعتقال أو الاغتيال.
سيطرت جبهة نمور تاميل إيلام في أوج قوتها في نهاية التسعينات من القرن الماضي وأوائل سنوات القرن الحالي على ثلث مساحة سريلانكا تقريبا.
غير أن زعيمها لم يستطع بذك الإنجاز الكبير تحقيق حلمه بإقامة وطن يتمتع بالحكم الذاتي للتاميل شمال البلاد.
غير أن تصميمه لتحقيق هدفه لم يتزعزع أبدا، وقال مرة إنه أمر رجاله بإطلاق النار عليه إذا ما تخلى مرة عن مطالبته بإقامة دولة التاميل.