لا يبدو الانتصار التاريخي الذي حققه اليميني المتطرف "أفيجدور ليبرمان" زعيم حزب إسرائيل بيتنا، مبررا لان يرفعه الإسرائيليون لأن يكون الرجل الثاني في الحكومة الإسرائيلية القادمة، وحتي زعيم حزب الليكود نفسه "المتطرف" بنيامين نتنياهو، قد لا يبدو راغبا في تسليم "ذقنه" إلي ليبرمان، فالجميع يعرف في إسرائيل أن جنون ليبرمان، لا يرشحه لشغل منصب في بلدية إسرائيلية، وبالطبع لن يغامر أحد في إسرائيل، أن يقف ليبرمان داخل الكنيست الإسرائيلي، أو داخل قاعة الاجتماعات في مجلس الوزراء، ليواصل إهاناته "الشهيرة" للقادة العرب، ففي النهاية، لن يرغب إسرائيلي واحد أن تنقلب "الجبهة المصرية" المحايدة علي إسرائيل، حتي وإن كانوا جميعا علي ثقة بان الخيار العسكري في هذه الجبهة، قد لا يكون هو الخيار الوحيد المتاح، فلطالما لعبت مصر دور "الجسر" في العلاقات الإسرائيلية العربية، وبالطبع يحمل ليبرمان لمصر تحديدا عداءً غير معلوم الأسباب، وصل به إلي حد التهديد بقصف السد العلي بالقنابل في أي مواجهة قادمة مع مصر، وهو تهديد لم يجرؤ "موشي ديان" وزير الدفاع الإسرائيلي ان يطلقه في ذروة حرب أكتوبر 1973، ولم يتوقف ليبرمان عند هذا الحد، فقد أجبر لسانه "القذر"، الحكومة الإسرائيلية من قبل علي توجيه اعتذار رسمي إلي مصر، عندما وجه ليبرمان بذاءاته تجاه الرئيس المصري
يعرف السياسيون في إسرائيل، حتي أكثرهم تشددا، أن مجرد دخول ليبرمان عتبة "الحكومة الإسرائيلية"، يعني إنقلاب السياسات الخارجية لإسرائيل، والتي بنتها طوال 30 عاما في المنطقة، وبالتحديد منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام مع مصر، والتي حققت إسرائيل من خلالها انتصارا دبلوماسيا وعسكربا، يبدو أنها لن تكون راغبة في التخلي عنه، لمجرد أن مجنون واحد دخل الحكومة الإسرائيلية، فقد حققت إسرائيل طوال 30 عاما من السلام مع مصر أكبر انتصاراتها علي الإطلاق، وهو تحييد القوات المصرية، عن طريق خريطة توزيع القوات في سيناء، وبذلك امتلكت إسرائيل دوما حرية الحركة شمالا تجاه لبنان لطرد منظمة التحرير الفلسطينية في الثمانينات، أو مواجهة "كاتيوشا" حزب الله، في عام 2006، كما منحها الحياد المصري قدرة أكبر علي تركيز قواتها تجاه الجانب السوري.
كل ذلك قد يدفع حزب الليكود او حتي حزب كاديما، للتفكير ألف مرة قبل المضي قدما في طريق تشكيل حكومة إئتلافية، تضم حزب إسرائيل بيتنا الذي يراسه ليبرمان، فنتنياهو رغم تسببه في انهيار العلاقات المصرية الإسرائيلية عندما تولي رئاسة الوزراء في إسرائيل، في نهاية التسعينات، كان يحافظ دائما علي "شعرة معاوية" مع النظام المصري تحديدا، ودول الاتحاد الاوروبي الراعية للسلام.. ورغم أن نتنياهو سارع فور إعلان نتائج الانتخابات الإسرائيلية، للتاكيد علي أحقيته في تشكيل الحكومة، مدعوما بفوز ليبرمان بعدد وافر من المقاعد، إلا أن مصادر سياسية رفيعة في إسرائيل، كانت تؤكد طوال الأيام الماضية، أن نتنياهو يبحث تشكيل حكومة وحدة وطنية مع كاديما والعمل، عوضا عن التحالف الخطر مع ليبرمان وبقية الاحزاب الدينية المتطرفة، مثل حزب شاس، وتكشف الإشارات السياسية القادمة من إسرائيل، أن الليكود بذلك يفضل الارتماء في أحضان "أعدائه" التقليديين "كاديما والعنل"، علي أن يلقي ببلاده في التهلكة، مع جنون صديقه ليبرمان، إعمالا بالمثل العربي الشهير" عدو عاقل خير من صديق جاهل]