لم أكن اعرف أن80%, من المصريين يعانون آلام الظهر في فترة ما من حياتهم, إلا بعد ان وجدت نفسي قبل شهرين شبه مقعد, عاجزا عن الحركة, لا أستطيع النهوض أو السير دون مساعدة ولا أقدر علي الجلوس إلي مكتبي بضع دقائق وأنا الذي اعتدت لسنوات طويلة أن اجلس إلي مكتبي كل يوم6 ساعات علي الأقل أقرأ أو أكتب أو أراجع
لكنني مع الأسف أدمنت طوال هذه السنوات الجلوس إلي مكتبي بطريقة خاطئة تترك مساحة فراغ بين ظهري ومسند الكرسي, ادت إلي إجهاد مزمن لأسفل الظهر, كاد يترتب عليه انزلاق غضروفي نتيجة ضغوط الفقرتين الرابعة والخامسة علي الجهاز العصبي للأطراف, أدي إلي توقف الساق اليسري عن الحركة واشعل حرائق الألم في عضلات الساق بصورة يصعب احتمالها.
ولأن ثقافتنا عن أجسامنا جد محدودة فإننا في كثير من الأحيان نسيء استخدام أعضاء الجسم وبينها الظهر في كثير من الأنشطة اليومية, دون أن ندرك الخطورة الكبيرة التي يمكن ان تترتب علي سوء الاستخدام إلا بعد فوات الأوان! نرفع أحيانا وبطريقة خاطئة اثقالا تفوق قدرتنا علي الرفع, ونجلس ساعات طوالا إلي مكاتبنا دون أن نعطي لأنفسنا برهة راحة بين الحين والآخر, ونقف وقتا طويلا علي أقدامنا دون حركة
ونغفل عن خطورة زيادة أوزان أجسامنا علي العمود الفقري الساند الرئيسي لجسم الإنسان في النوم واليقظة والحركة, برغم ان كل كيلو جرام زيادة في وزن البطن يقابلها عشرة كيلوجرامات من الإجهاد في منطقة أسفل الظهر, ونقوم في بعض الأحيان بحركات مفاجئة وظهورنا في وضع غير صحيح, الأمر الذي يؤدي إلي إصابة الأربطة والعضلات.
أمضيت شهرا ونصفا أتردد كل يوم علي مركز تأهيل العلاج الطبيعي التابع للقوات المسلحة في العجوزة, اخضع لبرنامج تأهيل يستغرق ثلاث ساعات في اليوم, تحت إشراف الصديق العزيز لواء طبيب محمد رضا عوض مدير المركز, تدريبات بدنية في مياه حمام ساخن, وجلسات لشد العمود الفقري وجلسات كهرباء وليزر علي الظهر حتي أصبح في وسعي
حمدا لله ان أنخلص من المقعد المتحرك وأنهض مرة أخري, علي قدمي, واحبو ماشب مثل الطفل خطوة خطوة وإعادة إمساك القلم والكتابة.
هي الأقدار ترتب نفسها علي غير مشيئة الإنسان, لكن الحقيقة تقول إنه كان يمكن للإنسان ان يوفر علي نفسه هذا العناء لو ان ثقافته عن أعضاء جسمه اتسعت لثلاث نصائح فقط, قدمها لي الدكتور محمد رضا عوض..
أولاها: ان تتجنب حمل الأشياء الثقيلة بحيث لاتتدلي من اليد بطول الذراع لأن الأكثر صحة وأمنا أن يحمل الإنسان هذه الأشياء ملاصقة لصدره.
ثانيتها: أن يحتفظ الإنسان بظهره منتصبا مع ثني الركبتين ان اراد ان يلتقط شيئا من الأرض.
ثالثتها: إن يلاصق الإنسان ظهره إلي مسند كرسيه ان جلس إلي مكتبه وألا يطيل الجلوس لأكثر من ساعة بعدها يعطي لنفسه برهة راحة.
وقد لايعرف كثيرون ان بضع دقائق يقضيها الإنسان في بعض التمرينات الرياضية البسيطة أو مجرد المشي, نصف ساعة في اليوم, يمكن أن يوفر علي الإنسان متاعب جمة لأنها تزيد من مرونة مفاصله وعضلاته, ولكن من الذي يسمع ومن الذي يستجيب.؟!
بقلم : مكرم محمد أحمد