شاءت الظروف أن أصاب بوعكة صحية ألزمتني المبيت بالمستشفى مدة أسبوعين، لم يقم خلالها أحد من أصدقائي بزيارتي والسبب أنني مديون للجميع.
القصة بدأت بصرخة: آه، حملني شقيقي إلى الطوارئ، وكم فرحت عندما أخبرني الطبيب باحتمال إصابتي بالدودة الزائدة. دودة وزائدة، أحمدك يا رب!
تم تجهيز غرفة العمليات وتزيينها لاستقبالي، كانت هناك راقصة تتمايل أمامي عندما زفني الممرض على السرير إلى غرفة العمليات مروراً بثلاجات الموتى، وغرفة الـ"إن-عاش" وهو يغني ويقول: واركب الحنطور، واتحنطر.
قبل التخدير وقبل كتابة الوصية بغرفة العمليات، وقبل وداع الأهل وإعطائهم قبلة الوداع، أجبرني أحد الممرضين على توقيع ورقة التعهد من براءة إدارة المستشفى والأطباء والممرضين والسكيورتي وسائقي الإسعاف والمراجعين، من تحمل مسؤولية أية مضاعفات أو خطأ أو وفاة تنتج عن العملية، نظراً لحاجتي للعملية ولظروف وملابسات قضية الألم، وقَعت كل الأوراق إلا ورقة، أردت أن أوقعها، ولكن الممرض رفض بحجة أن تلك الورقة هي التي سينساها الدكتور ببطني.
نجحت العملية وتم استئصال الأصبع الزائد عن حده، احتفالاً بي، استأجرت أمي فرقة حسب الله للعزف داخل ممرات المستشفى، وبعد أسبوع طلب مني الدكتور مغادرة المستشفى، وطالبت الدكتور بإعطائي دودتي الزائدة، فالدودة تعتبر ملكي الخاص وجزءاً من جسمي، ومن حقي المطالبة بدودتي. استشاط غيظاً وأمر السكيورتي بطردي من المستشفى، أثناء ذلك أحسست بألم في معدتي، رأف الدكتور بحالي وطلب إجراء فحوص جديدة لأفاجأ بالتهاب المرارة ،ولابد من إجراء عملية لاستئصالها.
تم تجهيز غرفة السَلخ، أقصد غرفة العمليات وتزيينها مرة أخرى، لأفاجأ بفوزي بكوبون قيمته 500 درهم وذلك كوني المريض رقم مليون، ولأنني الحالة الأولى بالمنطقة التي تدخل الغرفة نفسها في غضون أسبوع. زفَني الممرض نفسه على السرير نفسه، إلى غرفة العمليات بدون الراقصة وهو يغني: وابتدا وابتدا المشوار، آه ياخوفي من آخر المشوار.
الأوراق والتعهدات وقعتها، والممرض عرض علي مجموعة من المقصات، وطلب مني اختيار واحد منها، فلما استعلمت عن السبب قال إن سياسة المستشفى تقوم على أن يختار المريض بنفسه القطعة التي سوف ينساها الدكتور داخل جسمه.
آخر كلمة قبل العملية سمعتها من الدكتور عندما قال "فالك البيرق". أفقت من العملية وكلي ألم، وقبل شربي للماء طلبت من الممرض إحضار المرارة لكي أحتفظ بها للذكرى، رفض الممرض الطلب وقام بإعلام الدكتور الذي جاء على عجل وطلب مني ومن أخي مغادرة المستشفى حالاً.
بعد طردنا من المستشفى بعدة أيام، أحسست بألم في خاصرتي، ذهبت لأقرب عيادة من منزلنا لأفاجأ بالدكتور يخبرني بعدم وجود إحدى الكليتين، طلبت منه البحث عن النواقص الأخرى، بحث وأخبرني بأنه تم استئصال جزء من الاثني عشر، واقتلاع اللوز والطحال والبنكرياس وطبلة الأذن، ولكن الحمد لله بقي القلب والمعدة.
ذهبت للإبلاغ عن المسروقات، وختاماً تم تقييد قضية الكلية والاثني عشر والكبد واللوز والطحال والبنكرياس ضد مجهول، أما طبلة الأذن فتم تأجيل قضيتها لعدم كفاية الأدلة.
بقلم سامي الخليفي - العين