زائر زائر
| موضوع: أولوية لترك الجدل والبعد عن العنت الجمعة أغسطس 08, 2008 12:37 pm | |
| أولوية لترك الجدل والبعد عن العنت من أخلاق المسلم الحق أنه لا يعنت إخواته وأصدقاءه بالمراء والجدل العقيم، ولا يثقل عليهم بالمُزاح المؤذي حتى لا ينفروا عنه وتصير بينهم قطيعة نهى عنها الإسلام. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُمارِ أخاك ولا تُمَازِحْه ولا تَعِدْهُ مَوْعِداً فتُخلِفْه. والمراء هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ أو في المعنى أو في قصد المتكلم.
وترك المراء يكون بترك الإنكار والاعتراض، فكل كلام سمعته إن كان حقاً فصدقه وإن كان باطلاً أو كذباً ولم يكن متعلقاً بأمور الدين فاسكت عنه أو انصح فيه برفق. وأما المجادلة فتعني إفحام الغير وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه، وهذا يدل على القصور أو الجهل فيه مما يثير حفيظة الغير. والإنسان الذي يداوم على المراء والجدل لا شك أنه يؤذي الآخرين ويغضبهم فيحاول كل طرف أن ينتصر لنفسه فيثور الشجار بين المتمارين ويرتفع الصوت وقد يحدث ما لا يحمد عقباه، أين التسامح واحترام الغير وتقدير آرائهم، طالما أنها تتفق والشرع الحنيف.
المسلم الحكيم هو الذي يبعد نفسه عن المراء والجدل كي يحافظ على ود إخوانه وصداقتهم وإذا أراد أن يوضح مفهوماً طرحه الغير ورأى أنه مجانب للصواب، فليستعمل الحكمة في عرضه بأن يمهد له بطريقة مهذبة ومحببة حتى لا يظن الغير أنه يريد تجهيله والاعتراض عليه وإهانته وإيذائه وأنه يقول: ما أردت إلا النصيحة الخالصة لا أكثر، فإذا عرف أن النصح لا يجدي اشتغل بنفسه وتركه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ترك المراء وهو مُحِقٌ بَنى لَهُ بيتاً في أعْلى الجنَّة».
قال مالك بن أنس رضي الله عنه: المراء يقسي القلوب ويورث الضغائن. وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: كفى بك إثماً أن لا تزال ممارياً. فإن قلت: المماراة فيها إيذاء، لأن فيها تكذيباً للأخ والصديق أو تجهيلاً له، وأما المزاح فمطيب، وفيه ابتسام وطيب قلب وهذا غير منهي عنه، وأما المنهي عنه فهو الإفراط فيه أو المداومة عليه لأن الإفراط في المزاح يورث كثرة الضحك، وكثرة الضحك تميت القلب وتورث الضغينة وتسقط المهابة والوقار.
والمزاح كما قال بعضهم على ضربين: مزاح محمود ومزاح مذموم، فأما المزاح المحمود فهو الذي لا يشوبه (أي لا يخالطه) ما كره الله عز وجل ولا يكون بإثم ولا قطيعة رحم. لا تدرك، فتحبب إليهم بالإحسان جهدك، وتودد إليهم بالإفضال، واقصد بإفضالك موضع الحاجة منهم. وقال محمد بن عباد المهلبي، دخل أبي على المأمون فوصله بمئة ألف درهم، فلما قام من عنده تصدق بها، فأخبر بذلك المأمون، فلما عاد إليه عاتبه المأمون في ذلك فقال: يا أمير المؤمنين: منع الموجود سوء ظن بالمعبود، فوصله بمئة ألف أخرى.
روي عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرزق إلى أهل بيت فيه السخاء أسرع من الشفرة إلى سنام البعير. رواه أبو الشيخ وابن ماجة من حديث ابن عباس نحوه. المسلم العاقل يكون حاله القناعة وقلة الحرص إذا قل المال في يده، وإذا كان المال موجوداً يكون حاله الإيثار والسخاء واصطناع المعروف والتباعد عن الشح والبخل. بينما ترى البخيل إذا سألته زوجته حاجة علا صوته وقال من أين؟!، هذا الصنف من الناس سيطر عليه البخل، فبخل على أهله وأولاده وعليه أن يحرر نفسه من هذه الصفة الذميمة ولا يترك أهله وأولاده عالة يتكففون الناس.
روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والفحش والتفحش، فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش (الفاحش: ذو الفحش في كلامه وأفعاله، والمتفحش الذي يتكلف ذلك ويتعمده) وإياكم والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فإنه دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم، ودعا من كان قبلكم فقطعوا أرحامهم ودعا من كان قبلكم فاستحلوا حرماتهم. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم واللفظ له وقال صحيح الإسناد.
قال أبو حاتم رحمه الله: البخل شجرة في النار أغصانها في الدنيا، من تعلق بغصن من أغصانها جره إلى النار، كما أن الجود شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها جره إلى الجنة، والجنة دار الأسخياء. والبخيل يقال له في أول درجته: البخيل، فإذا عتى وطغى في الإمساك يقال له: الشحيح فإذا ذم الجود والأسخياء يقال له: لئيم، فإذا صار يحتج للبخلاء ويعذرهم في فعالهم يقال له: الملائم، وما اتزر رجل بإزار أهتك لعرضه ولا أثلم لديه من البخل. |
|