قال ابو مسعود رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسراً فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال: قال الله عز وجل: نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه.
هذا الحديث تكلم به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتعددت روايات هذا الحديث في مضمونها أن رجلاً من الأمم السابقة على أمة الإسلام أتاه الله مالاً فلما مات ورد الحساب وناقشه الملك العلام وسأله سؤال ماذا عملت في الدنيا؟ والناس يومئذ لا يكتمون الله حديثاً ولم يكن للرجل عمل خير قط إلا موقفاً واحداً ذكره أو ذكر به كما جاء في بعض الروايات ؟
فقال: كنت أداين الناس فآمر عمالي أن ينظروا المعسر ويتجوزوا عن الموسر أي أنه كان سهلاً سمحاً في مداينته فلم يشق على الناس في معاملاتهم وكان خلقه المسامحة في الاستيفاء سواء استوفى من موسر أو معمر فربما أمهل الموسر وربما تنازل عن حقه كله أو بعضه لدى المعسر ومن أجل هذا الخلق هذا الخلق الكريم حصلت لهذا الغنى الجواد سعادة الآخرة وشملته رحمة الرحمن الرحيم وتحقق له الفوز فقال الله له نحن أحق بذلك منك وتجاوز الله عنه وعفا عنه. ولهذا فينبغي للمرء ألا يحتقر من المعروف شيئاً.
هذا الحديث الشريف له دلالة المعنى في أكثر من جانب فهو يؤكد أهمية أن يتكافل الناس ويتعاونوا ويتراحموا، فإن الله تعالى استودع الأموال بعض الناس ليبتليهم في كيفية تصريف الأموال واستخدامها الاستخدام الصحيح فيما يعود نفعه على الفرد والمجتمع ولم يجعل المال ليكنز أو ليمنع من أبواب الخير أو ليصرف في المعصية والتبذير..
وقد نهى الله تعالى أشد النهى عن هذه الاتجاهات الفاسدة فقال في حق الكانزين: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذقوا ما كنتم تكنزون).
وقال جل شأنه في حق السفهاء المبذرين (وات ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفوراً).
فيجب على الإنسان أن يبتعد ما أمكن عن الديون وليتعفف فإن الدين هم بالليل ومذلة بالنهار وإذا ما اضطر الإنسان إلى الاستدانة فليسع جهده إلى إبراء الذمة وأداء الحقوق على أحسن وجه ولذا قال عليه الصلاة والسلام «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله».
كما يجب على الإنسان مطالبة الدائن بحسن الاقتضاء بمعنى انظار المعسر أو التجاوز عنه وقد قال الله تعالى: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون).