باراك أوباما أو "الحلم الأمريكى" لمارتن لوثر كينج وكينيدى
يريد باراك أوباما (47 عاما) الذي انتخب الثلاثاء رئيسا للولايات المتحدة، تحقيق حلم زعيم حركة الدفاع عن الحقوق المدنية للسود مارتن لوثر كينج ويشبهه كثيرون بالرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي في قوة شخصيته والأمل في التغيير الذي يجسده. وأكد أوباما لمؤيديه قبل الانتخابات "لن أكون رئيسا يتسم بالكمال لكنني استطيع أن أعدكم بأنني سأكون صادقا وأقول ما أفكر به".
وفي بلد يتمتع فيه السود بالحقوق المدنية منذ اقل من نصف قرن فقط قطع أوباما طريقا طويلا واستثنائية وجسد صور بلد يريد استعادة شبابه والتصالح مع نفسه. فعندما ولد في الرابع من أغسطس 1961 في هاواي، من أب أسود من كينيا وأم بيضاء من ولاية كنساس، كان الزواج بين الأعراق المختلفة محظورا في كل ولايات الجنوب الأمريكي تقريبا، قبل أن تسمح به المحكمة العليا في يونيو 1967.
وعاش في كنف جديه وهما من البيض. وعشية الاقتراع الرئاسي توفيت جدته مادلين دانهام (86 عاما) التي لعبت دورا رئيسيا في حياته. وقد تساءل أوباما خلال تجمع انتخابي مؤخرا "من كان يصدق أن أسود في السابعة والأربعين من العمر يدعى باراك أوباما سيصبح يوما مرشح الحزب الديمقراطي". ويحمل أوباما اسما ثانيا هو حسين، لم يتردد اليمين الجمهوري في التركيز عليه. كما يشير إليه معلقون في بعض الأحيان، سواء عن سوء نية أو عن غير قصد، باسم أسامة، مثل اسم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
وبرز باراك أوباما فجأة في يوليو 2004 عندما كان برلمانيا محليا في شيكاغو وتحدث أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي. وقد رأى ملايين الأمريكيين في هذا الرجل الأسود النحيل الذي جاء يدافع عن المرشح الرئاسي السابق جون كيري، ممثلا لإرادتهم بدعوته إلى المصالحة بين الأمريكيين وطرح اختلافاتهم جانبا.
ويريد أوباما الذي يدعو إلى المصالحة بين الأمريكيين، أن يكون بطل هذه المصالحة. وهو يؤكد خصوصا على ارث بطلين سابقين، المدافع عن الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج والرئيس الراحل جون كينيدي.
ويشكك خصومه في قدرته على تحقيق هذا الطموح. وقد شككوا خلال الحملة الانتخابية بقدرته على قيادة البلاد واتهموه "بالنخبوية" ووصفوه بـأنه "ساذج" وشددوا على افتقاده للخبرة. وكان "الأمل" هو الموضوع الرئيسي لحملة السناتور أوباما. وقد أثار ذلك حماس مناصريه لكن تساؤلات عدة طرحت. فبعض خصومه تساءلوا عن أي أمل يتحدث واتهموه باستغلال عبارات جوفاء.
وأوباما الذي عاش مع والدته في اندونيسيا ثم في هاواي مع جديه لأمه التي توفيت بسرطان في 1995، هو قبل كل شيء رجل مثقف. درس في جامعة كولومبيا وحصل على شهادة تؤهله لمهنة مربحة في قطاع المال، لكنه اختار العمل الاجتماعي في معازل السود في جنوب شيكاجو. وغادر المدينة بعد ذلك ليدرس في هارفرد، المعبر التقليدي للنخبة الأمريكية. وهو أول أسود عين رئيسا لتحرير نشرة الجامعة "هارفرد لو ريفيو" في 1991.
وبعد هارفرد، عاد إلى شيكاغو للعمل محاميا في مكتب التقى فيه المحامية ميشال التي تحمل شهادة من جامعتي برينستن وهارفرد والتي أصبحت زوجته و"صخرة" حياته كما يلقبها. وقد رزقا بابنتين ماليا (تسع سنوات) وساشا (سبع سنوات). وفشل أوباما في شغل مقعد في مجلس النواب في العام 2000 لكنه انتخب عضوا في مجلس الشيوخ في العام 2004 وأصبح السناتور الأسود الوحيد في الكونجرس. ينظر إليه على انه يساري بسبب رفضه الحرب في العراق ودفاعه عن الحق في الإجهاض ومعارضته تعيين محافظين في المحكمة العليا.
لكن أوباما يرفض هذا التصنيف، وقد وعد بالا يزيد الضرائب إلا تلك المفروضة على أصحاب الدخل الكبير، مؤكدا انه يعتزم العمل مع الجمهوريين. فهو يريد أن يكون براجماتيا أولا