أنا شخصية غريبة الأطوار. مجرد فتاة سوداء نشأت وتربت على الجانب الغربي من مدينة شيكاغو.... وبالتأكيد ليس من المفترض أن أقف هنا."
بتلك الكلمات الصريحة خاطبت ميشال أوباما الآلاف من الأمريكيين الذين احتشدوا لتحيتها وللتعبير عن مساندتهم لزوجها سناتور ألينوي الأسود، باراك أوباما، المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، في الخامس والعشرين من شهر آب/أغسطس الماضي.
إلا أن ميشال أوباما، في حال فوز زوجها بالانتخابات التي ستجري في الرابع من الشهر الجاري، ستكون أول امراة سوداء تحظى بلقب سيدة أمريكا الأولى التي ستمضي السنوات الأربع المقبلة مع عائلتها في رحاب البيت الأبيض.
مسيرة طويلة
وعندئذ ستكون المحامية ميشال قد توجت مسيرة ورحلة طويلة من الشك وعدم اليقين، لطالما بدأتها باعتراف واضح وصريح كانت قد أفصحت عنه بقولها ذات يوم إنها ما كانت لترغب بأن يدخل زوجها باراك معمعة السياسة ليخوض بعدها غمار السباق إلى البيت الأبيض.
وميشال هذه هي نفسها التي قالت في سياق مقابلة تلفزيونية أُجريت معها في شهر يونيو/حزيران الماضي، عندما كانت تتحدث عن دوافعها للاعتراض على فكرة دخول زوجها عالم السياسية: "كنت أظن أن السياسة عمل وضيع وخسيس."
إلا أن ميشال أوباما تجد نفسها اليوم غارقة إلى أذنيها في هذا "العمل الدنيء" (السياسة)، إذ برزت خلال العام المنصرم كنصيرة ومسوقة لا يُشق لها غبار لحملة المرشح الديمقراطي، حيث استطاعت اجتذاب أعداد غفيرة من الأنصار إلى تلك الفعاليات واللقاءات التي وقفت فيها خطيبة بالجماهير لوحدها وبعيدا عن زوجها باراك.
مرحة ودعابة
أما بالنسبة لأنصارها، فميشال أوباما هي تلك السيدة ذات الشخصية القوية والمتحدثة اللبقة التي تحتفظ بآرائها القوية التي تميزها. وهي أيضا تتمتع بأناقة تدلل عليها نوعية حقائب اليد التي تختارها، ناهيك عن حسها الرفيع بالمرح وروح الدعابة.
أما من وجهة نظر منتقديها، فميشال أوباما هي تلك الأمريكية من أصول أفريقية وميزتها أنها امرأة غضوب وتشعر دوما بأن ثمة أمر ما ينغِّص عليها عيشها ويزيدها غيظا ومرارة.
وقد دأب هؤلاء النقاد على التذكير بالتصريح الشهير الذي كانت ميشال أوباما قد أدلت به عندما علقت على شعورها بترشيح الحزب الديمقراطي لزوجها لكي يخوض غمار السباق إلى البيت الأبيض في وجه خصمه الجمهوري جون ماكين حيث قالت:
"لأول مرة في حياتي كإنسانة بالغة أشعر حقا بأنني فخورة ببلادي، وليس ذلك فقط لأن باراك قد أبلى بلاء حسنا، بل لأنني أعتقد أن الناس جوعى للتغيير."
"السيدة ضيم"
وقد ألحق بها خصومها وخصوم زوجها ألقابا وأوصافا من قبيل: "السيدة ضيم" و"النصف المر لباراك أوباما"، كما اتهموها بالافتقار إلى الوطنية.
لكن بالنسبة لزوجها باراك، فهي بمثابة "صخرتي الصلبة" و"أحد أحكم الأشخاص الذين أعرف". أما من وجهة نظرها هي، فإن دورها الأهم، والذي "يأتي في المقام الأساسي والأول"، فهو كونها أم لطفلتيها ماليا، البالغة من العمر 10 سنوات، وساشا التي تصغرها بثلاثة أعوام.
لقد عاشت ميشال أوباما مع أسرتها في شقة صغيرة متواضعة مكونة من غرفة نوم واحدة وصالة وتقع في حي من أحياء مدينة شيكاغو، والمعروف تاريخيا باسم "الشطر الجنوبي الأسود" من المدينة وغالبية سكانه من أبناء الطبقة العاملة.
خرِّيجة هارفارد
لقد درست ميشال الحقوق في جامعتي برينستون وهارفارد قبل أن تحصل على عمل في مكتب للمحاماة في مدينة شيكاغو حيث التقت بباراك أوباما الذي "عانى الأمرَّيْن" قبل أن يفوز بقلب حبيبته ميشال لافون روبينسون ويتزوجها عام 1992.
بعدها تخلت ميشال أوباما عن عملها في المحاماة لتعمل في مجال تنظيم وخدمة المجتمع، قبل أن تنتقل للعمل في المجال الإداري، إذ كان آخر منصب احتلته هو نائبة رئيس هيئة مستشفيات جامعة شيكاغو، العمل الذي كانت تكسب منه أموالا أكثر من دخل زوجها باراك العضو في مجلس الشيوخ.
وفي حال دخولها كسيدة أولى إلى البيت الأبيض، فإن ميشال أوباما، البالغة من العمر 44 عاما، ستحضر معها مهاراتها كمحامية ، وإن أصرت هي على القول إن دورها سيكون "رئيسة هيئة أركان الأمومة" في البلاد.