ما أحوجنا إلى وصل أراحمنا ليس في المواسم ولا في أيام يسود فيها الود والإخاء والصفاء. حيث كثر الناس من قاطعي الرحم، فمنهم من تمضي الشهور والأعوام ولا يقوم بزيارة أرحامه، بل إن من الناس من يصل أقاربه إن وصلوه فقط. وهناك كثيرون ينتهزون فرصة خلافهم مع أحدهم حتى يفتحوا سجلات الماضي ويحصلوا على المسيء إساءاته كاملة غير منقوصة.
رغم أن هذه المواقف قد طُويت واعتذر عنها. فيجب على المسلم حينما يعتذر له أخوه أن يسامحه ليس في وقتها فقط ولكن إلى الأبد، وأن يمحي كل آثار تلك الإساءة، وإن عاد فأخطأ فلا يعيد فتح سجله حتى لا يضيع حسنات عفوه، وإلا فما فائدة الاعتذار والمسامحة إن كنا سنعيد نبش الأخطاء في كل مرة؟
فقد أمرنا ديننا الإسلامي الحنيف بالمداومة على صلة الرحم ولو قطعوه، والمبادرة بالمغفرة إن أخطأوا والإحسان إليهم إن أساءوا وأن تكون هذه الصلة قربة لله خالصة لوجهه الكريم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
ويهدف الإسلام من وراء صلة الرحم إلى بناء مجتمع متراحم متعاطف تسوده المحبة والإخاء ويهيمن عليه حب الخير والعطاء، فالأسرة وحدة المجتمع تسعد بتقوى الله وصلة الرحم، لذلك اهتم الإسلام بتوثيق عراها وتثبيت بنيانها. ونحن دائماً أمام فرصة للتعاطف والتراحم كي تلين القلوب وتستجيب النفوس للتراضي.
وتسارع إلى كسب الحسنات والتخلي عن التباغض بالأقوال والأفعال وحري بنا دائماً أن نغتنم الفرصة ونسارع بصلة رحمنا والإحسان إليهم، وهذه المواقف أعظم مدرسة للبر والصلة، فهي معين الأخلاق ورافد الرحمة وحبل المودة، علماً انها تتجلى في شهر الصوم فمن صام رقّت روحه وصفت نفسه وجاشت مشاعره ولانت عريكته. لعلنا نعود إلى أقاربنا بمناسبة ومن دون مناسبة فنتحفهم بالزيارة والأنس والدعاء والصلة. كما ان صلة الرحم باب خير عميم.