الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه.. نعود مرة أخري بإذن الله مع بداية عام دراسي جديد أصر هلال والجمل علي أن يبدأ في الأسبوع الأخير من شهر رمضان ويتعطل بعد أيام مع اجازة عيد الفطر المبارك وأبرز ما في هذا العام هو العودة مرة أخري إلي أم الكوارث التعليمية ومشكلة المشاكل التي جعلتنا نلف وندور حول أنفسنا ونستهلك سنوات العمر في مناقشات ومشروعات وأفكار نبدأ منها أول خطوة ثم نهدرها بعد ذلك بكل بساطة وسذاجة وتمر سنوات نعود بعدها لنبدأ من نقطة الصفر ثم نندهش لماذا يتقدم العالم من حولنا ونحن مازلنا في نفس المكان ما لم نكن قد تراجعنا إلي الوراء.
قبل بداية العام الدراسي الجديد بعدة أيام أشرق علينا الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم ومعه الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي عبر شاشة التليفزيون المصري يقدمان البشري للشعب المصري بأن التعليم المصري في ظل النظام الجديد للثانوية العامة سوف يقفز إلي الأمام ونتخطي به أوروبا والدول المتقدمة والحقيقة هي أن النظام المطروح قد عاد بالتعليم المصري إلي الوراء عشرين عاما بالتمام والكمال بسبب سياسات وحوي يا وحوي التي تتغير من وزير إلي وزير!
فالنظام الجديد الذي بشرنا به الوزير الجمل والذي يشرح تفاصيله في الحوار المجاور لهذا العامودهو نفس النظام الذي أقره الدكتور فتحي سرور قبل عشرين عاما حين كان وزيرا للتعليم!! وفي ذلك الوقت_ يعني منذ عشرين عاما- كان النظام الذي تقرر أيام الدكتور سرور يقضي بعقد امتحان واحد للثانوية العامة وباعتبار الثانوية العامة شهادة منتهية وتؤهل لسوق العمل وأن يكون القبول بالجامعات علي ضوء المواد المؤهلة التي يخصص لدراستها عام كامل بعد الثانوية العامة وهو نفس العام الذي ألغي من المرحلة الابتدائية باختصار سنوات الابتدائي إلي خمس سنوات ويتم ترحيل السنة الملغاة إلي مابعد الثانوية العامة لمن يريد القبول بالجامعات.. وفي ذلك الوقت_ يعني منذ عشرين عاما- وافق المجلس الأعلي للتعليم قبل الجامعي والمجلس الأعلي للجامعات علي مشروع الدكتور سرور والذي لم يكن اختراعا من الفراغ لأن الكثير من دول العالم تطبق أنظمة مشابهة في مقدمتها بريطانيا حيث الشهادة الثانوية الإنجليزية تعرف ما يسمي بشهادة منتهية لا تؤهل للقبول بالجامعة وهيlevel وعلي الطـالب الراغـب في الالتحاق بالجـــامعة دراسة مواد أخري بمستويlevel وبدأ تطبيق النظام الجديد وقتها قبل عشرين عاما حيث ألغيت السنة السادسة كبداية لتطبيق مشروع الدكتور سرور ولكن لأن الاستقرار مفقود تماما في سياسات التعليم المصري تولي الدكتور حسين كامل بهاء الدين مسئولية وزارة التعليم بعد أن تركها الدكتور سرور إلي موقعه الحالي رئيسا لمجلس الشعب وبمنتهي السرعة والهمة ووفقا للطقوس الفرعونية السائدة بادر الدكتور بهاء الدين إلي الإطاحة بمشروع الدكتور سرور وقدم اختراعا تعليميا جديدا تصبح الثانوية العامة بمقتضاه عامين بدلا من عام واحد متضمنا ما يسمي التحسين الذي طبق عاما ثم ألغي في العام التالي وسارع الدكتور بهاء الدين إلي التخطيط لإعادة السنة السادسة قسرا وقهرا رغم كل الظروف غير المواتية لعودتها.. وعادت السنة السادسة وعاد معها تعدد الفترات الدراسية وتزايد الكثافة في الفصول الدراسية والتي وصلت إلي90 تلميذا في الفصل!!
ودارت الأيام ومرت الأيام علي رأي الست أم كلثوم إلي أن أراد المولي سبحانه وتعالي أن يمتحن قدرتنا علي الصبر فرزقنا بالدكتور الجمل الذي تجاهل آلاف البلاوي التعليمية وآخرها التسرب والطفح الذي جري في امتحان الثانوية العامة وتفرغ بابتسامته الغامضة والدائمة إلي ما تصور أنه اكتشاف جديد فطرح مشروعا للثانوية العامة هو نفس مشروع الدكتور سرور الذي لم تنفذ منه سوي خطوة واحدة قبل عشرين عاما بإلغاء السنة السادسة ثم تعرض باقي المشروع للتصفية علي يد الدكتور بهاء الدين بعد أن ترك الدكتور سرور موقعه في الوزارة ومرت سنوات إلي أن ظهر الوزير الجمل ربنا يكرمه وأقنع الناس بأن النظام الذي يقدمه هو نظام جديد رغم أنه نظام منقول عن المشروع الذي بدأه الدكتور سرور ولم يكتمل فهو يقوم أيضا علي امتحان الثانوية العامة سنة واحدة واعتبارها شهادة منتهية وامتحان للمواد المؤهلة للقبول بالجامعات ويبدو أنه خلال عملية نقل المشروع القديم وإعادة طرحه مرة أخري لم ينتبه الجمل إلي أن ما طرحه الدكتور سرور كان جزءا منه إلغاء سنة في مرحلة التعليم الابتدائي وإضافتها إلي ما بعد الثانوية العامة لتكون هذه السنة لامتحانات المواد المؤهلة للقبول بالجامعات..
مواطن ساذج سيسأل: طيب يا تري من الذي يتحمل مسئولية ضياع عشرين عاما كاملة ثم نعود لنبدأ بعدها من نقطة الصفر؟! والإجابة أن المسئول يا محترم هو غياب الاستقرار عن سياسات التعليم بصفة خاصة.. ففي مصر كل الأمور والأوضاع والحمد لله مستقرة علي أحسن ما يكون الاستقرار بل هي مستقرة أكثر من اللازم ما عدا التعليم فهو مهزوز.. مهزوز.. مهزوز بفضل عبقرية كل وزير يتولي الوزارة وكل همه هو أن يلطع بصمة سيادته علي مشوار التعليم وبالتالي يتراجع التعليم المصري إلي الخلف دون أن يصدر ذلك التحذير الذي تصدره السيارات عند عودتها إلي الوراء ولذلك ننتظر من وزارة التعليم أن تصدر تحذيرا تقول فيه' عفوا التعليم يرجع إلي الخلف..'!!
يكـــتبـهـا: لبــيــب الســـبـاعي