من الحقائق العلمية المعروفة, ومن تقارير واقوال الأطباء والممرضات والشهود بمستشفي المعادي ومن تقارير التحاليل الطبية لورقتي السلوفان اللتين لفظهما المشير ولعينة القيء التي جمعت بعد مضغه لهاتين الورقتين, نقطع بان المشير عبدالحكيم عامر لم يتناول لا مادة الأفيون ولا مادة الأكونتين للأسباب التالية.
هذا ما نقله المؤرخ جمال حماد في كتابه الحكومة الخفية عن تقرير الدكتور علي محمد دياب الذي ناقش بالتفصيل أحداث قضية المشير في17 ورقة فولسكاب. وهذا التقرير لم يرد في بيان النائب العام الذي نشرته وسائل الإعلام في وقتها والتي اكتفت بنشر بيان النيابة الذي يؤكد تناول المشير بنفسه عن بينة, مادة سامة بقصد الانتحار وهو في منزله وبين أهله.
لن أستطيع في هذه المساحة نشر تقرير خبير السموم لكنني أنقل عنه: إن الأفيون والأكونتين يؤثر بلعهما معا علي عملية التنفس بصورة أقوي كثيرا من تأثير أي منهما بمفرده مما لم يلحظه أحد علي المشير. وإن جرعة2 مللي من الأكونتين إذا بلعها أحد كفيلة بوفاته في دقائق في حين أن الوفاة حسب التقرير حدثت بعد28 ساعة من التعاطي. وأنه من العاشرة صباح يوم14 حتي السادسة مساء قال الطبيب المشرف إن صحة المشير كانت في تحسن وأن نبضه وتنفسه كانا عاديين مما يستبعد أن يكون المشير تناول أي مادة سامة قبل السادسة.
ويضيف تقرير خبير السموم: إن التسلسل المنطقي هو أن المشير شرب سم الأكونتين في عصير الجوافة الذي قدمه له السفرجي في الإستراحة( تبين أن اسمه منصور أحمد علي وأنه موظف برياسة الجمهورية) مع ملاحظة ـ والكلام لتقرير خبير السموم ـ إن المواد الفعالة في النبات الذي يستخرج منه الأكونتين مشابهة في طعمها ونكهتها لطعم ونكهة عصير الجوافة.
ولعلي أضيف إلي كل ذلك ملاحظة لاحظتها منذ قرأت تحقيقات النيابة في وقت الحادث, وهي أنه رغم حدوث الوفاة بعد دقائق من تناول المشير رشفات من عصير الجوافة والشك المنطقي في هذا العصير إلا أن تحقيق النيابة لم يشر بكلمة واحدة إلي أي إجراء اتخذ لتحريز علبة أو كأس عصير الجوافة الذي شرب منه المشير!