--------------------------------------------------------------------------------
قصة رواها الشيخ محمدالعريفي..
الإشارة حمراء .. والطريق مليء بالسيارات ..لم يتبق على الموعد سوى بضع دقائق ..
تباً لهذه الإشارة إنها طويلة .. يا ليتني كنت في الصف الأول .. لكنت قطعتها ..
الثواني تمر بطيئة كأنها دقائق بل ساعات .. أنظر إلى الساعة حيناً وإلى الإشارة حيناً آخر ..
أضاءت الإشارة اللون الأخضر .. ضغطت على منبه السيارة أزعجت الجميع ..
تحركت السيارات .. تجاوزت الأول ..كدت اصطدم بالثاني .. قيادتي للسيارة أفزعت منحولي..
حاولت أن أسرع .. لكنني لم أستطع ..
مضى الوقت.. وضاع الموعد.. ولم أجد الأصدقاء .. لقد ذهبوا..
إلى أين أذهب؟.. احترت في الإجابة .. أطلقت زفرة من صدري .. ياليتني كنت أعرف مكانهم..
السيارة تمضي بهدوء .. انطلقت أفكر .. أيقظني منبه سيارة أخرى .. نظرت إلى صاحب السيارة بغضب
.. وأشرت إليه بيدي .. تمهل الدنيا لن تطير .. ونسيت حالي قبل دقائق..
قررت أن أقضي السهرة في البيت .. إنها فكرة جيده .. فابنتي الوحيدة مريضة .. والأفضل أن أكون قريباً منها..
أوقفت السيارة أمام محل الفيديو .. نزلت إلى المحل .. اخترت عدة أفلام .. وانطلقت إلى المنزل..
فتحت الباب .. ناديت على زوجتي .. احضري الشاهي والمكسرات.. دخلت إلى الغرفة ..
"يالها من زوجة معقدة" .. الآن ستقول لي:"اتق الله يا أحمد".. لقد تعودت على هذه الكلمات
حتى تبلدت أحاسيسي نحوها.. لكنها زوجة مطيعة.. طيبة.. تشقى من أجل سعادتي..
دخلتومعها الشاهي والمكسرات.. ابتسمت في وجهي .. قالت : لابد أنك سئمت السهر مع أصدقائك
وتريد أن تجلس في البيت.. قلت : نعم .. تعالي واجلسي .. فرِحت وهمت أن تجلس ..
وقمت أنا إلى جهاز الفيديو والتلفاز .. فانطلقت الموسيقى الصاخبة .. أرخت المسكينة رأسها
وقالت : اتق الله يا أحمد.. وخرجت تجر أذيال الحسرة والهزيمة.. فهي لا تسمع الموسيقى ..
ارتفعت الأصوات في الغرفة .. موسيقى .. صراخ .. ضحكات.. وانطلقت أشرب الشاهي ..
وأتناول المكسرات .. وعيناي قد تسمرتا في شاشة التلفاز..
انتهى الشريط الأول .. والشريط الثاني .. الساعة تشير
إلى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل .. فجأة .. مقبض الباب يتحرك ببطء
.. صرخت : ماذا تريدين ؟ .. لم أسمع جواباً.. انفتح الباب.. دخلت ابنتي المريضة ..
فاجأني الموقف .. سكت برهة ولم أتكلم .. اقتربت مني .. نظرت إليَّ بهدوووء ..
ثم قالت : اتق الله يا بابا .. اتق الله يا بابا .. ثم انصرفت وأغلقت الباب..
ناديتها .. سارة .. سارة .. لم تجب .. انطلقت خلفها.. لا أكاد أصدق..هل هذه ابنتي ؟..
فتحت باب الغرفة.. وجدتها سبقتني إلى فراشها .. ونامت في حضن أُمها..
إنها هي.. عدت إلى غرفة الجلوس .. أغلقت جهاز الفيديو .. صوت ابنتي يملأ الغرفة ..
اتق الله يابابا .. اتق الله يا بابا .. قشعريرة سرت في جسدي .. تصبب العرق من رأسي..
لا أدري ماذا أصابني .. ماعدت أسمع إلا صوتها .. ولا أرى إلا صورتها ..
كلماتها اخترقت كل الحواجز الجاثمةعلى صدري منذ زمن بعيد
.. ترك صلاة .. معاصٍ .. دخان .. أفلام خليعة ..
أيقظتني من الغفلة.. تسارعت نبضات قلبي .. وألقيت بجسدي على الأرض.. حاولت أن أنام
.. لكنني لم أستطع .. مضى الوقت سريعاً .. صور من الماضي استعرضتها أمامي
.. ومع كل صورة اسمع صوت ابنتي يتردد .. اتق الله .. اتق الله .. وهنا .. ارتفع صوت الأذان
.. اهتزت جوانحي .. ارتعدت فرائضي .. رعشة سرت في أطرافي .. جعل يردد : " الصلاة خيرٌ من النوم "
.. قلت : صدقت ..الصلاة خيرمن النوم .. أوووه .. لقد كنت نائماً كل هذه السنين..
توضأت وخرجت إلى المسجد .. مشيت في الطريق وكأني لا أعرفه .. كأن نسائم الفجر تعاتبني أين أنت ؟ ..
وطيور السماء تقول : مرحباً بالنائم الذي استيقظ أخيراً.. دخلت المسجد .. صليت ركعتين .. وجلست اقرأ القرآن ..
تلعثمت في القراءة .. منذ زمن لم أقرأ القرآن .. شعرت أن القرآن يسألني :
لم هجرتني منذ سنوات .. ألستُ كلام ربك ..أخذت أردد في سورة الزمر :
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ..
من فضلك اكمل القصه من هنا