تجلس مع "الفئة الضالة" وتعرف ذيل كلامهم ولا تعرف رأسه
كنت أجلس مع أصدقائي كمن وُضعت «الكلبشات» في يديه ودخل إلى مسرحية كوميدية وأخذ من حوله يسألونه: لمَ لا تضحك ولا تصفق؟ فهم خريجو جامعات تدرّس بالإنجليزية ويعملون في القطاع الخاص، بنوك وشركات تمويل وعقارات، ولديهم قائمة بالاختصارات يتداولونها باستمرار، ليل نهار، بينما أنا قادم من خلفية عمل حكومي، وخريج جامعة عربية، ولم نستخدم تلك الاختصارات. وحين لا تعرف مصطلحات هذه «الفئة الضالة» من البشر، تضيع بينهم ولا تدري عن أي شيء يتحدثون. وإذا عرفت ذيل كلامهم فلن تعرف رأسه. ولا حل سوى أن تقعد تدخن وتشرب قهوة، فعيب أن تستوضح منهم شيئاً، لأنه بالنسبة لهم من البديهيات. ومن يسألهم يردون عليه بتعجب: «معقولة ما تعرف؟». يقول أحدهم:
- مدير الـ HR عندنا مغرور لا يرى إلا نفسه.
- هذا قسم المغرورين لأنهم يعرفون أن الجميع بحاجة إليهم.
- وأين الـ MD؟ ألا يتدخل بينكم؟
- مشغول باجتماعات لا تنتهي مع الـ CEO.
- ونحن متورطون مع الـ IT، لا تستطيع التحدث معهم.
- أوه.. هؤلاء شر خلق الله.. لكنهم دائماً يفضحون في الـ KPI.
- يا جماعة نحن في «الويك إند».. تحدثوا في شيء آخر.
أتنهد وأقول في نفسي: وأخيراً جاء دوري في الكلام. فيسأل أحدهم:
- ما أخبار الـ DFM؟
- الحال تعبان، فالـ IPO الأخير جاء على غير المتوقع، ولم نربح فيه درهماً واحداً.
- قلت لك إن هذا زمن العقارات.
أقول في نفسي: العقارات؟ إنني أعرفها ولله الحمد. فيقول أحدهم:
- هل هناك فلل للإيجار في الـ JBR؟
- الطيور طارت بأرزاقها.
أقول في نفسي: بل قُل TTA، طيور، طارت، أرزاق.
يقول أحدهم:
- اتركوا العقارات ولنتحدث عن الازدحام في الشوارع.
أقول في نفسي: أنا «أبو الشوارع» وأعرف فيها أكثر من مطر الطاير. يقول الضال:
- أمس كنت قادماً من أبوظبي، وبدأت الزحمة مقابل الـ DIC إلى بوابة سالك.
- وأنا كنت في طريقي إلى الـ DMC وبقيت ساعتين في زحمة شارع الشيخ زايد.
ينتهي الكلام عن الازدحام، وينظر إليّ أحدهم بعد السيجارة العاشرة والفنجان الخامس:
- بو محمد، لماذا لا تأخذ «الماستر»؟
أقول في نفسي: لماذا آخذ «ماستر كي» ومفاتيحي في جيبي؟ ثم أتذكر أنه يقصد الماجستير، فأقول بلا اهتمام:
- لا وقت عندي للـ «ماستر».
- وكم كان الـGPA؟
- لا أتذكر، لكنه كان «أوتوماتيكي».
يضحك الجميع ويعتقدون أنني أمزح.
وحين يأتي وقت العشاء، يقولون:
- مطعم هندي.. لا إيراني.. لا شامي.. يا جماعة اشتقنا إلى الـ KFC.
يوافق الجميع وينظرون إليّ ينتظرون رأيي، فأقول:
- أنا سأذهب إلى البيت وأنتم اذهبوا إلى الـ JBM.
يقولون بتعجب:
- وما هذا الـ JBM؟
- «معقولة ما تعرفون؟»
شرح الاختصارات:
HR: الموارد البشرية
MD: المدير التنفيذي
CEO: الرئيس التنفيذي
IT: تقنية المعلومات
KPI: مقياس مؤشر الأداء
DFM: سوق دبي المالي
IPO: الاكتتاب
JBR: جميرا بيتش ريزدنس
DIC: مدينة دبي للإنترنت
DMC: مدينة دبي للإعلام
GPA: المعدل التراكمي
KFC: كنتاكي
JBM: جهنم وبئس المصير