"هنيئا للعرب.. مبروك للعرب.."، على ماذا يا حضرة المعلق؟ عن أي ميدالية يتيمة وسط مناجم الذهب التي حصدتها الصين و الولايات المتحدة. أم عن "المشاركة" التي يعدها بعضهم أهم من الفوز والتتويج، أم عن الأرقام القياسة في آخر المراتب، أو ربما عن الكدمات واللكمات التي تلقاها ملاكمونا، والتي وصل صداها إلى كل الأقطار العربية..
والله حال معلقي القنوات الرياضية العربية يبعث على الشفقة، فقد طال انتظارهم وطال معه انتظار الجماهير، ليعبرو عن ما حضروه من معلومات وأرقام تخص المشاركين بالحدث، وليجودوا بما عندهم من صيحات علها تكون بشير خير على الجمهور العربي.
كم يبدو منظر بعض معلقينا بائساً وهو يكاد يجن عند الظفر بنحاسية أو فضية، فقد كان الأجدى الجلوس في بلداننا خيراً من الذهاب إلى أكبر محفل رياضي والعودة بلا خفين ولا حنين.
لن نقارن المشاركة، نعم المشاركة (بس) العربية بما جناه وحده الزورق الأمريكي النفاث "فيليبس"، بل نقارنها كلها بدولة كوبا الفقيرة التي حصدت عشرات الميداليات، مع العلم أنها لا تعدو كونها جزيرة فقيرة يعيش معظم سكانها على السكر والتبغ. حقيقة كان العرب بالفعل كومبارس الحدث الكوني "بكين ٢٠٠٨"، مقابل أصحاب الأدوار الرئيسة كالصين وأمريكا المملكة المتحدة، وهذه الأخيرة كشرت عن أنيابها قبل أربع سنوات من الدورة الأولمبية القادمة "لندن ٢٠١٢"، وأبانت للعالم أنها جاهزة على المناحي كافة. أما "أبطالنا" فتكفيهم شهور من الاستعداد أو أسابيع للرحيل إلى محافل العالم الرياضية، كون هذا منسجماً مع دورهم ككومبارس ليس إلا.
وبما أن لدينا تاريخاً حافلاً بالنكبات المؤرخة بالسنة والشهر والليلة، فهذه هزيمة كذا بتاريخ كذا وهذه نكبة كذا بالتاريخ الفلاني، إذاً فلنسمِ هذا الفشل الأخير بـ"نكبة بكين ٢٠٠٨" .
الحدث لم يكن عادياً، الكل لبى نداء شعلة الأولمب بجاهزية مثل الجاهزية التي شاهدناها على وجوه و أجسام مصارعي فيلم GLADIATOR، إلا أن العرب كانوا عاديين للغاية هذه المرة، لكن ما الفائدة من الفوز أو عدمه، فـ "المهم هو المشاركة".