أمجد بيه الكامل راجل مهم وخطير، شاغل منصب كبير أهم منصب فى مدينة المتعايس، بعد سيادة الرئيس دكتوراة في الفيزياء والكيمياء وتوضيب الكراريس. كلّه تمام، كلمة دايماً بيسمعها ويسمّعها بنفسه لسيادة الرئيس، أحوال البلد تمام والكل عايش عيشة أحلام ويبوسوا إيديك سيادة الرئيس، والناس تدعي ليك ربنا يطول في عمرك ويخلّيك، وفخامة الرئيس وأخبار البلد إيه، عندنا أي مشكلة.
وأمجد بيه من غير كلام طلّع ورقة معاه وقال بفضل الله وتوجيهتكم الكريمة مفيش حد فى المدينة غير في وظيفة كبيرة مرتّبه بالدولارات، وعنده شي وشويات، إشي فيلا وعربيات وإشي خدّامة وسوّاق وكاميرلات، والهانم مراته أميرة من الأميرات، لكن عشان الشفافية أصارح فخامتك احنا عندنا مشكلة صغيرة، الناس محتارة فين تقضي الويك إند، والحكاية دي ليها حل، وسيادة الرئيس مبسوط من الكلام، وبرافو أمجد بيه ثقتي في محلها أي مشكلة تقدر تحلها، إيدي فى إيديك هنخلّي بلدنا مفيش زيّها، وأمجد بيه خلّص مقابلته مع فخامة الرئيس، ومروّح علي قصره بعربيّته، حب يخلّص شوية من الرسميات والزيطة بتاع المواكب والعربيات، وصمّم يروح ماشي علي رجليه، من سنين مامشيش زي البني آدمين، وبصعوبة زوّغ من الحراسة، ومفيش خمس دقائق لقي نفسه ماشي في حِتت عمره ماشاف زيّها، إشي بيوت مكسّرة وزبالة منتوّرة وشوارع من غير كهرباء، حفر ومطبات محجّرة، وميكروباصات بتصارع بعضها، وأتوبيسات يوم الحشر زيّها، دخّان وحشيش قهاوي وكتير من دى البلاوي.
وأمجد بيه مش مصدّق، ويارب ده فى مدينتي، وإزاي اديلي سنين محدّش قالي، أمّال المجموعة الوزارية كل يوم بترفع تقارير دورية تقول الحكاية ميّة ميّة، يعني إيه بتكدب علي والتقارير دي متفبركة، وأمور الناس الغلابة متعقّدة ومتشبّكة. وفضل أمجد بيه يلف ويدور فى الشوارع بالساعات وفي دواوين الحكومة متخفّي من غير رسميات، وشاف المر والذل عشان يوصل لشباك حديد قدام موظف الحكومة العتيد، كأن المواطن اللي جاي يطلب خدمة هيهجم عليه ويخطفه، والموظف باين عليه وشّه العكننه، وشوف مصلحتك يا أفندي المصلحة، دي مش عندي تعالي بعد أسبوعين، ومشاكل كتيرة عرفها البيه كانت متخبيه عليه، وروح ومش عارف يعمل إيه.
وتاني يوم دخل مكتبه عَمّال يفكر يعمل إيه، وشاف الكرسي ومنصبه، تستقيل يا أمجد وتحافظ على مصداقيتك مع نفسك، ولا تفضل عايش فى الوهم وحلم المدينة الفاضلة، وصراع كبير جوّاه، ودخل مدير مكتبه وقلقنا عليك ياسعادة البيه رحت فين وغبت ليه وإزاي الهانم الصغيرة، والتقارير اللي هنرفعها لسيادة الرئيس ناقصها توقيع معاليك، والتقارير بتقول كله تمام، وأمجد بيه بص باندهاش وقال في سره: الحكاية بايزه بي أو بغيري، وأنا هعمل إيه؟ أنا وحدي هاصلح المدينة؟ ومن غير تفكير وقع على التقارير وكتب بس كلمتين: سيادة الرئيس الوزارة دي مية مية، وتستأهل مكافأة وترقية.