زائر زائر
| موضوع: نصب على الهواء الخميس أغسطس 21, 2008 4:08 am | |
| قررت أن تستسلم للكسل يوم عطلتها الأسبوعية، وتعزل نفسها عن المحيطين بها جميعا، وتقضي وقتها في مشاهدة الفضائيات خاصة تلك التي تخاطب العقول الفارغة التي تعاني من خواء الرأس، فلم تكن ترغب أن تشاهد أو تسمع أخبارا أو برامج العيار الثقيل التي تقلق نومها وتزيد حزنها واكتئابها. |
أمسكت بالريموت كنترول تداعب قنوات التلفاز، توقفت عند إحداها والتي تقف فيها المذيعة طوال اليوم وهي تتلوى و«تتقصع» على الموسيقى الراقصة لأحد مطربي هذا الزمن الرديء، وخلفها شاشة صغيرة كتب عليها لغز اليوم الموجه للمشاهدين. |
وأخذت المذيعة تكرر «الفزورة» على مسامع الجمهور وتعلن لهم عن جائزة تقدر بسبعين ألف دولار، وتحفزهم على الاتصال وتطالبهم بالتأني في الحل خاصة وأن هناك مبلغا كبيرا من المال بين يدي المتصل إذا اهتدى الى الإجابة الصحيحة. |
وأخذت المذيعة تعيد وتزيد في إلقاء «الفزورة» على المشاهدين (اسم ولد من أربعة حروف لو أضفنا له نقطة أصبح شيئا نرتديه في أصابعنا)، ثم تلقت اتصالا هاتفيا يؤكد فيه المتصل بأن الحل هو (إسورة)، وبالطبع كانت الإجابة خاطئة، ثم اتصل آخر ليؤكد أن أسم الولد هو (حليم)، وثالث يقول أنه (حمادة) ورابع يقول (جمال)، شعرت بالدم يغلي في عروقها. |
وقلبت القناة على الفور وهي تسب وتلعن الغباء والأغبياء والسخافات التي تقدمها تلك القناة وأيقنت أن هؤلاء المتصلين هم بعض موظفي القناة أنفسها للضحك على الذقون و«استعباط» المشاهدين السذج لاستدراجهم لفخ الاتصال بالهاتف الذي يبلغ ثمن الدقيقة مبلغاً وقدرة وبالطبع سيستغرق الأمر عدة دقائق وربما تتجاوز المدة نصف الساعة حتى يمكن للمشاهد الوصول للمذيعة «الغندوجه». |
تعددت مرات ضغطها على زر الريموت كنترول تستعرض القنوات الموسيقية، حاولت أن تستمع إلى أية أغنية تذهب عنها غضبها السابق. |
واختلط عليها الأمر وتساءلت هل مازالت تشاهد قنوات (النيل سات) أم أنها دخلت بالخطأ على قنوات (الهوت بيرد)، فتأكدت أنها مازالت على القمر العربي إلا أن ما تشاهده لا يمت للعرب بصلة، مغنيات كاسيات عاريات معظم أدائهن وهن مستلقيات على الأسرّة في غرف النوم، أو غارقات بالمياه وكأنهن يقفن تحت الدش في الحمام. |
ضغطت على الريموت كنترول لتنتقل الى قناة أخرى وجدت مطربا شابا وقد ظهر بشعر منكوش وكأنه لم يستحم منذ عام تقريبا وهو يغني بكامل مشاعره ويقول لحبيبته (أشوف فيك يوم)، فقلبت المحطة قائلة إن شاء الله أشوف أنا فيك هذا اليوم، وأخذت تلعن تلك الموضة التي يتبعها الشباب والمسماة بـ (الديرتي لوك). |
وفي قناة آخرى بدأت تتابع حوارا فنيا لمطربة ربما كان رصيدها الفني كليبين، أخذت تلك الفنانة تنتقد ما يشاهد في الكليبات قائلة إن هؤلاء المغنيات اللواتي يطلقن على أنفسهن مطربات وهن لا يمتن للطرب بصلة تجاوزن الخطوط الحمراء وعلينا أن نعرف بناتنا أن ما يحدث ليس فنا عربيا، فالفن ليس مجرد امرأة تلبس تنورة قصيرة وتقول عن نفسها فنانة. |
شعرت بالضيق والزهق، بل والإحباط وظلت تبحث في القنوات وتوقفت عند قناة تعرض ليالي الأفراح والمناسبات الجميلة، ولفت انتباهها حفل لعرس جميل، ظهر أن أصحابه تكلفوا أموالا كثيرة في إقامته، فقاعة الفندق فخمة وفستان العروس رائع رغم أنه كشف أكثر مما ستر من جسدها، وعدد لابأس به من الفنانين الذين أحيوا العرس، ونخبه من ضيوف المجتمع المخملي، وظل العروسان يرقصان ويغنيان مع الفنانين و«المعازيم» الذين أحاطوا بهما. |
وبعد تقطيع كعكة العرس وغيرها، استدارت العروس ووقفت بنات العرس خلفها في انتظارها لتلقي ببوكيه الورد الذي كانت تحمله في يدها في تقليد معروف للجميع أن من ستتلقفه من البنات ستتبع العروس وتتزوج بعدها مباشرة. |
بعدها جلست العروس ثم أتى العريس وفجأة مد يده داخل الفستان وأمسك بيده قطعة من ملابسها الداخلية وأخرجها وسط المعازيم وهو يرقص ويلفها كالمنديل وهو يرفع يده عاليا، ثم وقف هو الآخر وأعطى شباب العرس ظهره ثم كرر ما فعلته وألقى بتلك القطعة للخلف وتلقفها أحدهم سعيدا. |
لم تصدق نفسها هل يعقل ما تشاهده في عرس عربي على قناة فضائية عربية، ومن هذا العريس الذي فعل ذلك على مرأى من الناس جميعا بل وصوره التلفزيون ليشاهده الملايين في العالم بأكمله، أين الرجولة والشهامة والنخوة العربية. |
تقوقعت داخل سريرها وتدثرت بالغطاء واستسلمت للدموع. |
|
|